تطبيق النظام المحاسبي المالي بداية 2009 سيستفيد منه الأجانب
الخبراء ينتقدون إصرار الحكومة ويؤكدون أنه سيلحق أضرارا بالاقتصاد الوطني
عبد الوهاب بوكروح
الشروق أون لاين : 11 - 06 - 2008
مجلس الحكومة
منحت الحكومة لمفتشية مصالح الميزانية، التي تم إحداثها السنة الفارطة على مستوى وزارة المالية، صلاحيات واسعة لمراقبة وتفتيش وتقييم مدى تطبيق المعايير التقنية والمالية العمومية، وتنفيذ الميزانية العمومية والاستعمال العقلاني للموارد الموضوعة تحت تصرف مديرية الميزانية التابعة لوزارة المالية.
*
*الحكومة تمنح صلاحيات موسعة لمفتشية مصالح الميزانية
*
*
وكشف المرسوم التنفيذي الصادر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، أن المفتشية الجديدة يمكنها القيام بعمليات تفتيش مفاجئة بطلب من المدير العام للميزانية للتحقيق ومراقبة أي ملف يطلبه المدير العام للميزانية، وتنتهي مهمة التفتيش بتقرير مفصل يعده المفتش العام الذي يشرف على المفتشية بمساعدة ثمانية مفتشين.
*
وتحضيرا لتطبيق النظام المحاسبي المالي الجديد بداية من السنة القادمة، تضمن العدد الأخير من الجريدة الرسمية المرسوم التنفيذي المتضمن النظام المحاسبي المالي الجديد، الذي سيعوض المخطط الوطني للمحاسبة، الذي كان مطبقا منذ 1975، وهذا في إطار سلسلة الإصلاحات المالية المنتهجة من قبل الوزارة المنتدبة للإصلاح المالي، بهدف مطابقة النظام المحاسبي الوطني مع القواعد المطبقة على الصعيد العالمي، كنتيجة مباشرة لانفتاح الاقتصاد الوطني على الاقتصاد العالمي.
*
وتشير مواد المرسوم إلى أن المرسوم يهدف إلى تحديد كيفية تطبيق بنود القانون المتضمن النظام المحاسبي المالي، سيما تعريف المفاهيم التي تشكل أساس إعداد وعرض الكشوف المالية والخصوصيات النوعية للمعلومة المالية بكل شفافية، وتفسير المعايير المحاسبية وطريقة فهم العمليات أو الأحداث غير المنصوص عليها صراحة في القانون الجديد، ويهدف النص أيضا حسب الحكومة، إلى تطوير المعايير والمساعدة على تحضير الكشوف المالية والسماح بإجراء مقارنة دورية للمعلومة المالية، والقضاء نهائيا على كل التجاوزات التي كانت تحدث خلال تطبيق المخطط الوطني المحاسبي القديم، وهي الجوانب التي جوبهت بانتقادات من قبل الخبراء والمختصين في الجزائر بالنظر إلى عدم جاهزية الاقتصاد الوطني لتطبيق هذه المعايير المتقدمة جدا على منظومة اقتصادية متخلفة وهشة.
*
ورغم التطمينات الصادرة من الحكومة لمختلف الشركاء بخصوص إيجابيات تطبيق النظام المحاسبي الجديد، إلا أن المختصين والخبراء في المحاسبة والمالية وجهوا انتقادات حادة للقانون وللحكومة على السواء على اعتبار أن الاقتصاد الجزائري غير جاهز لتطبيق النظام المحاسبي والمالي الجديد. وقال خبراء في المالية والمحاسبة، في تصريحات للشروق اليومي أن الحكومة تسرعت كثيرا في تطبيق النظام الجديد الذي سيدخل حيز التنفيذ السنة القادمة بدون تحضير المناخ المناسب لتطبيق هذا النظام المعقد الذي تطلب تطبيقه 5 سنوات كاملة داخل الإتحاد الأوروبي بداية 2007 بعد الإعلان عنه سنة 2002، على الرغم من الإمكانيات الضخمة والخبرات التي يتوفر عليها الاقتصاد الأوروبي المنظم والمهيكل بشكل سليم وقوي بالمقارنة مع الوضع الصعب الذي تعيشه المؤسسة الجزائرية التي لا تزال غير قادرة على نشر محاسبتها بشكل دقيق وبشكل شفاف وخاصة عندما يتعلق الأمر بمؤسسات هشة وضعيفة.
*
وكشف مصدر من وزارة المالية أن عديدا من الهيئات الهامة جدا لم يتم استشارتها خلال تحضير النظام الجديد ومنها مصالح الضرائب والمحاسبة التي تعد عصب الحرب في النظام الجديد كون الجزائر لا تملك مؤشرات حقيقية متعلقة بضبط قيم السوق، وبالتالي ماهي المعايير التي سيتم اعتمادها وماهي الأسعار التي سيتم اعتمادها بالنسبة للعقارات مثلا كون الأسعار الحالية غير واقعية، بسبب المضاربة والتهرب والغش الضريبي.
*
وأضاف المصدر أن الإجراءات التي جاءت بها الحكومة في هذا المجال من خلال وزارة المالية سابقة لأوانها، مشددا على أن الأمرية الصادرة سنة 1975 والمتعلقة بالمخطط المحاسبي الوطني لم يتم تطبيقها بالكامل، وأكد المصدر على أن النظام الجديد سيقوم بتعرية الاقتصاد الجزائري بصفة نهائية أمام الشركات الأجنبية وأمام الهيئات والمنظمات الدولية، مما سيسمح لهذه الأخيرة بالاستفادة القصوى من المعطيات والأرقام المتعلقة بالاقتصاد الجزائري بدون أدنى عناء من هذه الهيئات، لا سيما أن النظام سيتم تطبيقه مباشرة أيضا على البنوك والمؤسسات المالية ومنها شركات التأمين.