من المعلوم أن الاقتصاد العالمي يشهد تحولات هامة فيما يخص تبادل الاستثمارات و تنوع الإنتاج عبر مختلف الدول خاصة الاقتصادية منها, لذالك كان لابد أن تحدث هاته الاستمارات المتمثلة في المؤسسات الراعية لها ، نفس لغة المحاسبة و هذا الضبط الرقابة المالية داخلها ، و عليه كان لابد أن تظهر هيئات محاسبة عالمية تدعم هذا المشروع العالمي ، من خلال تبني معايير دولية مالية.
و كان لابد على الجزائر أن تتفاعل إيجابيا مع البيئة المحاسبية الدولية ابتدءا من أعلى هيئة محاسبة المتمثلة في ( م و م ) المخطط الوطني المحاسبي و ذلك بإجراء إصلاحات على النظام المحاسبي للمؤسسات يهدف إلى تحقيق توافق بين الممارسة و متطلبات معايير المحاسبة الدولية لذلك كان من الضروري الالتزام بهذه المعايير لأن اقتصاد السوق يتطلب توفير أدوات معيارية محاسبية لقياس فرص نمو و مرد ودية المؤسسة و درجة قدرتها على توليد الأرباح و توزيعها ومن ثم تحسين فعالية اتخاذ القرارات و هنا يمكن طرح السؤال التالي
ماهو دور الهيئات المحاسبية في ضبط الرقابة المالية داخل المؤسسة الإقصادية ، وتم كيف الانتقال في الجزائر من النظام المحاسبي إلى النظام المالي ؟
و من خلال هذا الفصل يمكن أن ندرس المباحث التالية:
للإجابة عن السؤال السابق:
المبحث الأول: الرقابة المالية و دور الهيئات المحاسبة فيها
المبحث الثاني: الالتزام بمعايير المحاسبة و التوفيق الدولي
المبحث الثالث: إجراءات الانتقال من النظام المحاسبي إلى النظام المالي داخل المجلس الوطني المحاسبي بالجزائر.
المبحث الأول: الرقابة المالية و دور الهيئات المحاسبية فيها.
الرقابة هي إحدى مكونات العلمية الإدارية، و تعتبر الرقابة صمام الأمام لقدرة المؤسسات على تحقيق أهدافها ومخططاتها, كما ترتبط الرقابة بدرجة كبيرة بباقي جوانب العمليات الأخرى ، و ذلك كونها مرتبطة ارتباطا وثيقا بعملية التخطيط ووضع الأهداف العامة للمؤسسة فلا يمكن أن تكون هناك رقابة بدون وجود تخطيط و أهدف محددة كما لا يمكن ضمان نجاح تحقيق الأهداف و الخطط المرسومة بدون وجود رقابة تقارن بين ما أنجز و ما هو مخطط له.
و الرقابة كوظيفة تمارس فقط حينما تؤدي وظائف الإدارة الأخرى كالتخطيط و التنظيم, و القيادة و اتخاذ القرارات, و ذلك فإن الرقابة لا يمكن أن تخدم الإدارة الفاشلة أو أن تكون بديلاَ ً عنها ()
المطلب الأول: تعريف الرقابة المالية و أهميتها
تعريف الرقابة : يوجد الكثير من التعريفات الرقابة من أشهرها في العهد الحديث تعريف العالم الإداري هنري فايول حيث وصف عملية الرقابة بأنها تقوم بالتأكد من أن كل شيء يتم حسب الخطة المرسومة و التعليمات الصادرة و المبادئ القائمة, و هدف الرقابة هو تشخيص نقاط الضعف و الأخطاء و تصحيحها و منع حدوثها في المستقبل, و تمارس الرقابة على الأشياء و الناس و الإجراءات و عرف كوانتز و آخرون الرقابة بأنها قياس و تصحيح أداء المرؤوسين بغرض التأكد من أن الأهداف و الخطط التي وضعتها المنشأة قد تم تحقيقها ()
و يعرف عبد العزيز بن بحتور الرقابة بأنها " النشاط الذي تقوم به الإدارة لمتابعة تنفيذ السياسات الموضوعة و تقييمها و العمل على إصلاح ما قد يعتريها من ضعف حتى يمكن تحقيق الأهداف المنشودة "
و يعرف هايمان و هيلجرت الرقابة بأنها " تتضمن الوظيفة الإدارية للرقابة مختلف أوجه النشاط اللازم للتأكد من أن الأهداف قد تحققت وفقا للخطة الموضوعية الموضوعة و الرقابة تعني تقرير ما إذا كانت الخطط قد نفذت و ما إذا كانت هناك تقدم نحو تحقيق الأهداف و التصرف إذا كان ضروريا لتصحيح الانحرافات و الأخطاء ().
و عرف شقبوعة الرقابة بأنها " الجهد المنظم الذي يهدف إلى ضبط النشاطات المختلفة في المؤسسة, و إجراء التغيرات اللازمة على المهام و التعليمات و الإجراءات لجعلها تحدث بالطريقة التي خططت لها () و تتضح من التعريفات السابقة أن الرقابة هي العمليات المنظمة التي تهدف إلى التحقيق من تنفيذ خطط المؤسسة اللازمة لتحقيق الأهداف المرسومة, و العمل على تطوير الأنظمة الفرعية و التنسيق بين الوحدات الإدارية و التأكد من كفاءة استغلال موارد المؤسسة، و مساعدة الإدارة في اتخاذ الإجراءات التصحيحية في حال وجود ضعف أو قصور في النظام.
أهمية الرقابة المالية : تنبع أهمية الرقابة من كونها الإدارة التي تساعد على تحقيق أهداف المؤسسة , حيث تقوم بالربط الوثيق بين الوسائل و الغايات من خلال الجهود و تنسيقها نحو تحقيق الأهداف التنظيمية البعيدة و القريبة، و تهدف الإجراءات الرقابية إلى التأكد من صحة الإجراءات الإدارية و المالية و مسايرتها لمختلف الخطط و السياسات العليا، كما تساعد الرقابة في تقييم الأداء الفردي و التنظيمي من النواحي السلوكية و الفنية و تعمل على تعزيز قدرات المدراء على اتخاذ القرارات من خلال تحديد الانحرافات عن الخطط و المعايير هذا بالإضافة إلى دورها التقليدي في منع حدوث حالات الغش و السرقة و الفساد و كشف تحديد المسؤولية عنها في حالة حدوثها، و بذلك فإن العملية الرقابية ذات ارتباط مباشر و وثيق بكافة نواحي العمليات الإدارية الأخرى , و تزداد أهمية الرقابة و الحاجة إليها مع كبر حجم المؤسسات و تعدد أنشطتها و برامجها.
و تتبع أهمية الرقابة من العوامل التالية : ()
1 – وجود فجوه زمنية بين الوقت الذي يتم فيه تحديد الأهداف و الخطط و الوقت الذي يتم فيه التنفيذ , و نتيجة الفجوة الزمنية قد تحدث ظروفا غير متوقعة تسبب انحرافا عن الأداء المرغوب فيه، و تعمل الرقابة على كشف الانحراف و تحديد أسبابه و اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة ومنع حدوثه
2- عادة ما تختلف أهداف التنظيم عن أهداف الأفراد العاملين داخل التنظيم فتوقعات الأفراد و أهدافهم الشخصية قد تتعارض مع أهداف المؤسسة , و من ثم فإن الرقابة الفعالة تسعى إلى ضمان أن عمل الأفراد موجها أساسا و في المقام الأول نحو تحقيق الأهداف التنظيمية للمؤسسة، و النظام الرقابي الفعال هو الذي يحقق الملائمة بين هذين النوعين من الأهداف حتى يقلل من الصراعات و النزاعات بين الأفراد و المؤسسة إضافة لذلك فإن أهمية الرقابة تتبع من كونها توفر المعلومات و البيانات الموثوقة اللازمة لحاجة متخذي القرارات، كما أنها تكمن من تقويم الخطط و السياسات و مدى ملاءمتها لتحقيق أهداف منظمة.
المطلب الثاني: أغراض الرقابة المالية.
تخدم الرقابة غرضين رئيسين متكاملين هما التقدم و تحديد المسؤولية الإدارية و القانونية و المالية ، حيث يركز التقييم على المهمات و الأداء المالي بينما يركز عرض تحديد المسؤولية على الجوانب السلوكية بغية تحديد المسؤولين عن الانحراف و اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم و تحت هذين الغرضين يندرج العديد من الأغراض العامة للرقابة المالية والتي حددتها العوامل التالية :
1- أهداف سياسية : و تتمثل في احترام رغبة الهيئة التشريعية و عدم تجاوز الأولويات و المخصصات التي تم رصدها لتنفيذ المشاريع و الخدمات العامة .
2- أهداف اقتصادية : و تتمثل في كفاءة استخدام الأموال العامة و التأكد من اتفاقها في أفضل الأوجه التي تحقق أهداف المؤسسة ، و منع صرفها على غير الأوجه المحددة ، و كذلك المحافظة على الأموال العامة من السرقة و التلاعب.
3- أهداف قانونية: و تتمثل في التأكد من أن مختلف التصرفات المالية تمت وفقا لأنظمة و القوانين و التعليمات و السياسات والأصول المالية المتبعة , و تركز الرقابة القانونية على مبدأ المسؤولية والمحاسبة حرصا على سلامة التصرفات المالية و تحديد المسؤولين عن الانحرافات و التوصية بالإجراءات الوقائية و تصحيحية.
4- أهداف اجتماعية : تتمثل في منع و محاربة الفساد الإداري و الاجتماعي بمختلف صوره و أنواعه مثل الرشوة السرقة و الإهمال و التقصير.
و تعتبر ظاهرة الفساد بصورها المختلفة من عوامل إهداء الموارد المالية و الحد من النمو الاقتصادي و من مستوى والرفاهة الاجتماعي ، و أنه يخل بمصداقية المؤسسة و يحد من فاعليتها ، كما أن هناك ارتباط قويا بين مستوى الفساد حقوق الإنسان حيث أن الظلم الاجتماعي و الفقر والعنف غالبا ما تكون مرتبطة بالفساد. ()
5- أهداف إدارية و تنظيمية: و تحتوي على مجموعة من الأمور التي من شأنها المحافظة على الأموال العامة واستعمالاتها المشروعة بكفاءة و فعالية.
و تتمثل الأهداف الإدارية و التنظيمية الجوانب التالية:
* تساعد على تحسين عملية التخطيط و زيادة فعاليتها في مواجهة المستقبل.
* الرقابة تساعد على توحيد و توجيه الجهود لإنجاز الأغراض و الأهداف المحددة للمؤسسة بكفاءة وفعالية.
* تساعد الرقابة على اتخاذ القرارات المناسبة من خلال المعلومات الراجعة التي يكشف عنها التنفيذ والواقع العلمي ، و بالتالي تطوير قدرة الإدارة على اتخاذ القرارات المناسبة.
تساعد على تقييم الوضع المالي و الاقتصادي للمؤسسة، و كذلك تقييم أداء العاملين لأغراض الحوافز و التدريب.
و قد ذكر الفرياني أن أغراض الرقابة تتمثل في :
1- اكتشاف الانحرافات في حينها ، ثم اتخاذ الإجراءات الفورية لإيجاد حلول مناسبة لها قبل استفحالها و صعوبة تعديلها .
2- التأكد من حسن استخدام الموارد المحددة, من موارد مادية و بشرية ، و التصرف فيها وفقا للخطة المقررة و الحدود المرسومة.
3- تحقيق الوفر المادية في تكلفة التنفيذ ، و الحد من الإسراف الذي لا مبرر له .
4- تستهدف الرقابة تنفيذ القرارات بأفضل صورة ممكنة، و التأكد من أنها محل احترام الجميع
و يمكن إضافة الأغراض الأخرى التالية :
1- المساعدة على تطوير النظم و الإجراءات التي تساعد المؤسسة تحسين خدماتها و زيادة مواردها المالية
2- الحفاظ على ممتلكات المؤسسة و ذلك من خلال العمل على تقييم و تدعيم و تقوية
المطلب الثالث : مقومات و معوقات النظام الرقابي الفعال.
أولا: مقومات النظام الرقابي الفعال.
لكي يتمكن النظام الرقابي من تحقيق أهدافه بكفاءة و فعالية ينبغي أن يتوفر فيه مجموعة من المقومات الأساسية, و تتمثل تلك المقومات في :
1- الهيكل التنظيمي : و يقصد بالهيكل التنظيمي مجموعة الوسائل و الإجراءات الرقابية التي تحكم علاقة المؤسسات بجهاز الرقابة بهدف توفير الرقابة اللازمة على تلك المؤسسات.
2- وجود نظام محاسبي سليم : والذي يهدف إلى تحقيق العديد من الأهداف من ضمنها تقديم البيانات اللازمة عن جميع المعاملات المالية اللازمة لتمكين أجهزة الرقابة الداخلية و الخارجية من القيام بمهامها, و تطبيق الرقابة الفعالية على الأموال العامة للحفاظ على ممتلكات المؤسسة ()
3- الحياد و الاستقلالية : و تفي الاستقلالية ممارسة الجهاز الرقابي لصلاحياته و واجباته بحرية تامة و بدون تعرض لأي ضغوط أما الحياد فيتمثل في عدم انحياز المراقب أثناء تأدية عملية الرقابة .
و يجب أن لا تنظر إلى استقلالية المراجع على أنها مسألة ذهنية تترك لتقدير الشخص نفسه, و إنما يجب أن تنظر إلى أنها مسألة تحكمها قواعد و معايير محددة يستند إليها المراجع.
في تدعيم استقلالية و يعطي صورة صادقة للغير عن مدى ما يتمتع به الجهاز الأعلى للرقابة، و إذا لم تكن الأجهزة الرقابية مستقلة استقلالا حقيقيا فإنها لا تستطيع القيام بعملها.
و لا تستطيع الوصول إلى أهداف الموجودة بل قد تصبح شاهد زور و لأهمية استقلال الأجهزة الرقابية فقد نصت قواعد الرقابة المالية الصادرة عن المنظمة الدولية للهيئات العليا للرقابة المالية الصادرة عن المنظمة الدولية للهيئات العليا للرقابة المالية، على الحاجة الاستقلال و الموضوعية في الرقابة المالية.
4- وجود نظام فعال للرقابة الداخلية: إ ن الرقابة الداخلية بأقسامها الثلاثة الرقابة المحاسبية و الإدارية، و الضبط الداخلي لها دور كبير في ضبط و تقييم أعمال المؤسسة و نظرا لأهمية وجود نظام فعال للرقابة الداخلية لدى المشوع فقد اعتبر تقييم نظام الرقابة الداخلية نقطة البدء التي ينطلق منها المدقق الخارجي وهي أيضا المرتكز الذي يرتكز إليه عند إعداده لبرنامج التدقيق و تحت تحديد نسب الاختبارات والعينات ()
5- عناصر بشرية مدرية تدريبا جيدا للقيام بعملية الرقابة : و قد قسمت لجنة إجراءات المراجعة التابعة للمجمع معايير المراجعة إلى ثلاث مجموعات، (AICPA) الأمريكي للمحاسبين القانونيين
جعلت المجموعة الأولى منها و تسمى بالمعايير العامة أو الشخصية لتحديد مواصفات المراقب من حيث التعليم و التدريب و الخبرة, و الاستقلالية إضافة إلى بذل العناية المهنية الواجبة. و ذلك لأهمية العنصر البشري في العملية الرقابية.
ثانيا : معوقات الرقابة : توجد العديد من المعوقات التي تحد من فعالية الرقابة في المؤسسات العامة، و منها هذه المعوقات.
1- تداخل الصلاحيات بين أجهزة الرقابة , حيث أن قيام عدة أجهزة و مؤسسات بعملية الرقابة بدون وجود تحديد دقيق و واضح لصلاحيات كل جهاز يؤدي إلى التناقض و الاختلاف، و ضياع الجهد و الوقت.
2- عدم وجود معايير يتم الاعتماد عليها في عملية الرقابة.
3- الثقافة السائدة في المؤسسة و التي تعتبر الرقابة أمرا مشيا يجب ألا يتم و يجب أن يحارب.
4 – عدم وجود هيكلة سلمية تساهم في نجاح الرقابة في مهامها.
5- عدم مرونة الجهاز الرقابي، و التعامل مع الموظفين بأنظمة جامدة لا تأخذ اعتبار للظروف المتغيرة
6- عدم ملائمة النظام الرقابي في المؤسسة ، حيث تم نقله من مؤسسة أحرى لا تتشابه مع المؤسسة القائمة بتطبيقه
7- خضوع النظام الرقابي للأهواء الشخصية، و البعد عن الموضوعية 8- عدم اقتصادية النظام الرقابي، حيث أن تكاليف تطبيق النظام الرقابي تزيد كثيرا ً عن التوقعات المتوقع الحصول عليها من خلال تطبيق النظام الرقابي.()
المبحث الثاني الالتزام بمعايير المحاسبة و التدقيق الدولية.
في ضوء احتمالات انضمام الدول إلى منظمة التجارة العالمية و ما بترتب على ذلك من شروط، فقط أصبح من الضروري الالتزام بتطبيق مبادئ الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات التي تشكل ركنًا مهما من أركان اكتساب عضوية هذه المنظمة، و لما كانت الخدمات المحاسبية , مثلها في ذلك مثل الخدمات المالية و المتخصصة ، مشمولة في هذه الاتفاقية فإنه لا بد من توفير العناصر اللازمة لحرية ممارستها فيما بين الدول الأعضاء
من هنا و ضمن مجموعة أخرى من العناصر.
يصبح التزام المهنيين المحاسبين و المدققين بتطبيق معايير المحاسبة و التدقيق الدولية لدى إعداد البيانات المالية المعدة للنشر و فحصها أمراً في غاية الأهمية، و ذلك لنتماش مع متطلبات تجارة الخدمات و عولمة أسواق المال.
المطلب الأول: لمحة عن منظمة التجارة العالمية.
بدأت أولى المحولات لتنظيم التجارة العالمية بالمؤتمر الذي عقد في هافانا عاصمة كوبا عام1946 تحت عنوان " مؤتمر التجارة و التوظيف " و قد تمخض هذا المؤتمر عن بعض الأفكار التي كانت بمنزلة الأساس الذي ينبث عليه فيما بعد الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية و التجارة
Général Agreement on Tarif and Trache ( GATT ) و التي تمت بلورة عناصرها و شروطها الأساسية عبر عدة مؤتمرات لاحقة ، كان آخرها مؤتمري أورجواي و جنيف عام 1986 ، و نشأت منظمة التجارة العالمية ( WTO) في عام 1995 إثر مصادقة الولايات المتحدة الأمريكية و اليابان عليها، إضافة إلى عدد كبير من الدول النامية و المتقدمة لتحل محل اتفاقية الجات. ()
و تعتبر منظمة التجارة العالمية ـ من حيث وضعها التنظيمي و القانوني مؤسسة دولية مستقلة من الناحيتين المالية و الإدارية ، مثلها في ذلك مثل مؤسسات دولية أخرى ، كالبنك الدولي و صندوق النقد الدولي ، لكنها في الوقت ذاته غير خاضعة لمطلة الأمم المتحدة.
و يشترط لاكتساب عضوية المنظمة أن تقوم الدولة المرشحة بالتوقيع على الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات، مما سيترتب على ذلك اضطرارها إلى تخفيض فئات الرسوم إلى الجمركية على الواردات و إلى إجراء تعديلات في تشريعاتها و قوانينها الوطنية في مجالات الضرائب و الموصفات العينية ، و كذلك التشريعات و المعايير التي تحكم قطاع صناعة السلع و الخدمات، كما يطلب من العضو الالتزام بمجموعة من المبادئ الأساسية أهمها :
مبدأ الدولة الأولى بالرعاية:
يلزم هذا المبدأ أية دولة عضو في المنظمة قامت بمنح معاملة تفضيلية لدولة أخرى عضو في المنضمة بان تعميم هذه المعاملة تلقائيا من دون تمييز على باقي الدول الأخرى الأعضاء إلا في حالات استثنائية، كأن يكون هناك حرب بين بلدين، مما يدعو احدهما لأسباب أمنية- إلى الامتناع عن تعميم تلك المعاملة عليه ومن دون إن يطلب من تبرير ذلك.
مبدأ المعاملة الوطنية: لا يحق لدولة العضو في المنضمة وفقا لهذا المبدأ أن تميز في إجراءاتها بين السلع المنتجة محليا و تلك المستوردة، سواء من حيث الضرائب أو غيرها.
مبدأ إلغاء القيود الكمية على الواردات من السلع و الخدمات: يفرض هذا المبدأ على دول العضو إلغاء جميع القيود التي تعرقل حركة الصادرات و الواردات، والاستفاضة عنها بفرض الرسوم الجمركية مع مراعاة السعي بقدر الإمكان نحو خفض تلك الرسوم.
مبدأ الشفافية: ويقضي بتوفير المعلومات الملائمة للمستثمرين و المصدرين و بقدر كاف يمكنهم من التنبؤ و التخطيط للمستقبل .
مبدأ التجارة العادلة: يقضي هذا المبدأ بجعل التجارة فيما بين الدول الأعضاء مبنية على أسس عادلة ، بحيث تصبح معه الكميات المصدرة أو المستوردة من السلع و الخدمات، انعكاسا لكفاءة الإنتاج ونوعيته ، ومن ثم توفير القواعد و الإجراءات الإحصائية للملكية الفكرية.()
المطلب الثاني: الآثار الايجابية للالتزام بمعايير المحاسبة و التدقيق الدولية.
إن من أهم النتائج التي ستترتب على انضمام أية دولة إلى منظمة التجارة العالمية هو زوال الموانع و الحواجز التي تفصل بين أسواق تلك الدولة و الأسواق الدولية، بمعنى أن كل من سوق السلع و سوق الخدمات، و كذلك سوق رأس المال، سوق يجد له امتدادا في الأسواق الدولية المناظرة له، و إذا أخذنا السوق المالي الأردني كمثال على هذه الأسواق فإن عضوية الأردن في المنظمة ستجعل سوق عمان المالي جزءًا من أسواق المال الدولية، و يعني ذلك أن آسهم الشركات المدرجة في هذا السوق لن تجد عائقا يمنع من تداولها في أسواق المال الأخرى الموجودة في الدول الأعضاء و بالمثل فان جميع أسهم الشركات في الدول .()
الأخرى الأعضاء و تصبح قابلة للتداول في سوق عمان المالي.
و يترتب على ذلك ضرورة توافر مجموعة من الشروط والمتطلبات في البيانات المالية للشركات المدرجة في تلك الأسواق، تجعل المعلومات الواردة فيها قابلة للمقارنة و الفهم من قبل المتعاملين في أسواق المال الدولية، حتى يكون بإمكانهم اتخاذ قرارات رشيدة أثناء تعاملهم في هذا السوق.
و لعلى تبني معايير محاسبية دولية مقنتة يلتزم بها المهنيون سواء في إعداد تلك البيانات
أو في فحصها ( تدقيقها )، يوفر إلى حد كبير الشروط المطلوبة ، و يمكن حصر أهم المزايا التي توفرها هذه المعايير بما يأتي :
1- بتحقيق للبيانات المالية المنشورة المعدة و المدققة بموجب تلك المعايير مجموعة من العناصر الإيجابية، أهمها المصداقية والقبول العام، بإضافة إلى قابليتها للمقارنة وهذا سيعمق الثقة التي يوليها المتعاملون لهذه البيانات في أسواق المال الدولية ، كما أنه سوف يشجع من عملية تدفق الاستثمارات بين هذه الأسواق. و بالتالي يحسن من كفاءتها، و ذلك من جهتين فمن جهة يؤدي التزام المحاسبين و المدققين في الدول أعضاء المنظمة بمعايير المحاسبة و التدقيق الدولية إلى تقليص الفرو قات القائمة في الأساليب و ممارسات المحاسبية بين تلك الدول، خصوصا ما يتعلق منها بقياس الربح و المركز المالي، و مما يجعل المعلومات التي تعرض في القوائم المالية تعبر بصورة عادلة عن نتائج الأعمال و الأوضاع المالية للشركات في أسواق المال المدرجة فيها . من جهة ثانية، سيترك توفير عنصر الاتساق بين أساليب القياس و الإفصاح بفعل تبنى معايير المحاسبة الدولية أثراً آلية التعامل في أسواق المال، باتجاه تنشيط المنافسة بين الشركات المدرجة فيها ، و من ثم تخفيض تكاليف الصفقات المالية التي تحدث على أسهم تلك الشركات
2- لعل من أهم الآثار المرتقبة لاتساع عضوية منظمة التجارة العالمية هو تزايد أثار ظاهرة العولمة الاقتصادية، والتي تعتبر الشركات الدولية المتعددة الجنسيات من أهم ثمارها ، و تقدم معايير المحاسبة الدولية لهذه الشركات خدمة جليلة عن طريق مساعدتها في تصميم نظم متكاملة للمعلومات. ()
ترتبط المجموعة جميعها بنشاط كل من فروعها أو توابعها، و مما لا شك فيه أن وجود نظام تكامل للمعلومات يطبق على مستوى المجموعة، ليمكن الإدارة المركزية في الشركة الأم المستخدمة في تسعير الصفقات أو القابضة من تحديد أسعار التحويل المتبادلة فيما بين مفردات المجموعة ، و من ثم تحديد تكلفة الأموال المستثمرة في كل نوع أو شركة تابعة في المجموعة من تلك الأموال و من أجل تحديد قيمة العائد على الاستثمار المحقق من تلك الأموال.
3- يسهل تبني معايير المحاسبة الدولية في الدول الأعضاء بالمنظمة من أعمال مصلحة الضريبة في كل دولة منها، لأن استخدام مثل هذه المعايير سيوقر عنصر الاتساق في تطبيق أساليب الاعتراف بالإيرادات و المصروفات ، و بالتالي تقليص الفر وقات في أسالبي قياس أرباح فروع الشركات المنشورة في دول المنظمة إلى حدها الأدنى ، مما سيسهل من عملية احتساب الربح الضريبي.
4- سيوفر تبني معايير المحاسبة الدولية من قبل أعضاء المنظمة على الدول النامية جهداً كبيراً و أموالا طائلة ، كانت ستحتاج إليها لوضع معاييرها الخاصة بها. ()
المطلب الثالث : معوقات الالتزام بمعايير المحاسبة و التدقيق الدولية.
على الرغم من المزايا الكثيرة التي تحققها معايير المحاسبة الدولية ، فإن ذلك لا ينفي وجود معوقات تقف حائك أمام الالتزام الكامل بتطبيق قواعدها ، و تجب مراعاة مثل هذه المعوقات من قبل جهات الرقابة و الإشراف على المهنة ، و ذلك عن طريق تحديد السبل و البدائل الكفيلة بتقليص مجالات التناقص التي قد تنشأ فيما بين تلك المعايير من جهة و القوانين و التشريعات القطرية في الدولة العضو من جهة أخرى. و إلى أدنى حد ممكن، و لعل ذلك ما فطنت له لجنة معايير المحاسبة الدولية حين حرصت على أن تنص ( IASC ) في دستورها صراحة على " أنه في حال وجود تعارض ما بين قاعد من القواعد التي تنص عليها معايير المحاسبة الدولية ، و قانون أو تشريع سائد في الدولة العضو، تكون الاغلبية دائما للقانون أو التشريع القطري، و لكن مع حدث الجهات المهنية في الدولة العضو على التقليص قدر الإمكان من وجود مثل هذه التناقضات و قد ظهرت أثار معوقات الالتزام الدولي به معايير المحاسبة الدولية على شكل فروقات واضحة في تطبيقها حتى بين الدول الأعضاء اللجنة التي أصدرت هذه المعايير فإلى جانب التفاوت الوضع في مقدار ( IASC ) الالتزام بقواعد القياس و الإفصاح المشمولة في تلك المعايير، و النتائج عن تعدد البدائل المسموح باستخدامها في تطبيق تلك القواعد، توجد فورقات واختلافات ملموسة أيضا في تطبيق القاعد نفسها كشف جميع ميداني أجرته لجنة معايير المحاسبة الدولية ( IASC) عام 1989 في الدول الأعضاء في سياق جهود اللجنة لوضع خطة خمسية لتطوير المعايير الصادرة عنها حتى ذلك الوقت.()
لمعرفة التفاوت بينها في مقدار الالتزام بتلك المعايير، عن أن نسبة الالتزام بها من قبل دولة عضو فيها و هي اليونان لم تتججاوز 24% في حين تصل هذه النسبة الى 100% لدى كل من نيجيريا وقبرص واندونيسيا مثلا ويلقي الجدول اضواء على مثل هذه التفاوتات.
الجدول رقم (02-01): التفاوت بين دول الأعضاء.
نسبة الالتزام%
اسم الدول نسبة الالتزام%
اسم الدول
80 البحرين 12 100 إندونسيا 1
80 الإمارات العربية المتحدة 13 100 قبرص 2
76 البرازيل 14 100 نيجيريا 3
72 الكويت 15 96 المغرب 4
69 كندا 16 96 عمان 5
68 المملكة العربية السعودية 17 92 الولايات المتحدة 6
68 اليابان 18 92 أستراليا 7
65 الهند 19 92 باكستان 8
36 سويسرا 20 88 بريطانيا 9
28 ألمانيا 21 86 إيطاليا 10
24 اليونان 22 84 فرنسا 11
المصدر: محمد مطر الالتزام بمعايير المحاسبة والتدقيق الدولية، 1998، ص: 19.
و بشأن الاختلاف في تطبيق القاعدة الواحدة بين الدول الملتزمة رسميا بالمعايير، فقد كشفت بعض الدراسات التي أجراها ( WESSLES) عام 1990 على 194 شركة متعددة الجنسيات تعمل في 23 دولة موزعة جغرافيا، التي كشفت عن أن المعدل العام لمستوى الإفصاح عن المعلومات الذي توفره الشركات العاملة في الدول النامية فمن بياناتها المالية المنشورة، لا يتجاوز49% من الحد الأدنى لمستوى الإفصاح المطلوب بموجب معايير المحاسبة الدولية. بينما يصل هذا المستوى في الدول المتقدمة فإن لم يتجاوز في السعودية46 % .
كما كشفت دراسة ثانية أجراها الباحثان ( CHIO AND DAVISH) عام 1983عن وجود اختلافات واضحة بين الشركات العاملة في الدول أعضاء لجنة (IASC) في تطبيق معايير المحاسبة الدولية في مجالات متعددة، مثل المحاسبة عن الشهرة، و معالجة الضرائب المؤجلة، و عقود الإيجار، و محاسبة التضخم، و معالجة فروقات تغير أسعار صرف العملة الأجنبية، و القوائم المالية المجمعة أو المدمجة.
وأدى اختلاف المعايير المحاسبية المتبعة في إعداد البيانات المالية المنشورة في الدول المختلفة، إلى ظهور حالات من التناقض الجوهري في النتائج و المعلومات التي تعرض في تلك البيانات و يكفي التدليل على صحة ذلك أن تشير إلى حالتين معروفتين().
الحالة الأولى : عندما رغبت الحكومة البريطانية مع نهاية السبعينات في بيع جزء من حصتها في شركة الزيت البريطانية BPC) ) في بورصة نيويوك : طلبت هيئة البرصة (soc) بان يتم تعديل رقم صافي الربح في آخر الميزانتين لها وفقا لمعايير المحاسبة الامريكية الصادرة عن ( fasb) كشرط لاتمام الصفقة وقد اصفر هذا التعديل وتخفيض رقم الربح في هاتين الميزانيتين بنسبة 67% و 70% على التوالي.
أما الحالة الثانية فهي حدث مع أول شركة ألمانية تم تسجيلها في بورصة, نيويورك عام 1993 و هي شركة (دملز ـ بنز ).
إذا طلب منها تعديل رقم صافي الربح في ميزانيتها المعدة وفقا لمعايير المحاسبة الألمانية من مبلغ 615 مليون مارك, أو ما يعادل 1283 مليون دولار.
و قد أثبتت الدراسات الستار إليها بأن الأساليب التي تؤدي إلى نشوء مثل هذا الأخلاق يمكن حصرها فيما يأتي: ()
اختلاف الظروف الاقتصادية و الاجتماعية بين الدول :
تتفاوت دول المنظمة سواء من حيث مستوى تطورها الاقتصادي ، أو من حيث النظم المتبعة في إدارة اقتصادياتها ، فهناك دول متقدمة و أخرى نامية ، كما أن منها من بيني نظماً مركزية في إدارة التنمية و تخطيط الاقتصاد ، في حين يتبنى بعضها الآخر.
أساليب لا مركزية في التنمية و التخطيط، و تتفاوت في تلك الدول أيضا معدلات التضخم الاقتصادي ، و كذلك السياسات النقدية لمتبعة في تحقيق التوازن في السوق النقدي
من هنا تنعكس الفرو قات المشار إليها أعلاه على النظم المحاسبية المطيقة في تلك الدول ، و كذلك على اللوائح و التشريعات
ذات العلاقة، مما يختلف عقبات و عوائق أمام توفير اتساق كامل بين تلك النظم و اللوائح و التشريعات.
الفرو قات الثقافية و الحضارية :
تضم دول منظمة التجارة العالمية شعوبًا شتى تختلف في اللغة و الدين و التشريعات و القوانين ، مما يؤدي إلى نشوء اختلاف بينها في القيم و المفاهيم السائدة ، و كذلك في ترتيب أولوياتها السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و في هذا السياق ، كشف بعض الدراسات مثلا عن اختلاف اللغة بين الدول الأعضاء في لجنة معايير المحاسبة الدولية(IASC) يعتبر من أهم العقبات التي حالتها فبما دون توفير الاتساق في تطبيق معايير المحاسبة الدولية ، لأن اختلاف اللغة يؤدي عادة إلى نشوء اختلاف في فهم المصطلحات المحاسبية الرئيسية المستخدمة في تلك المعايير.()
اختلاف القوانين و التشريعات :
ينشأ الخلاف بين القوانين و التشريعات السائدة في دول المنظمة عن اختلاف نظمها الاقتصادية والاجتماعية.
ينعكس هذا الخلاف حتما على الممارسة المحاسبية فيها ، كالاختلاف في طرق الأملاك مثلاً ، أو في القواعد المحاسبية التي تحكم الاعتراف بالإيواء و بالمصروفات ، و من ثم في تحديد حدود الإفصاح المناسب عن المعلومات في البيانات المالية المنشورة.
اختلاف المفاهيم و السلوكيات و القيم السائدة :
مرت شعوب دول المنظمة في حقبات تاريخية مختلفة في مدتها و ظروفها الاقتصادية ولاجتماعية، و تراكمت لدى كل منها على مر الزمان مجموعة من المفاهيم و القيم والسلوكات التي تنعكس على فهمها للحياة و على ممارساتها اليومية ، و قد وصلت إلى درجة من الرسوخ و الاستقرار تجعل تغيير البعض منها أمرًا صعبا ـ و ينعكس الخلاف في المفاهيم و القيم و السلوك بين شعوب المنظمة على تفسير الأفراد و المنظمات فيها لمصطلحات مثل : القيمة (VALUE) الموضوعية( OBJECTIVITY) والإفصاح أو الشفافية( DIXLOSURE ) و التقيت (TIME LINEESS).
وتعد هذه المصطلحات ركائز أساسية في تصميم النظم المحاسبة في تلك الدول، و قد ظهر أثر هذا الخلاف جليا عندما أصدرت لجنة معايير المحاسبة الدولية المسودة رقم (32) ( ED 32 ) إذا انعقدت هيئة البورصة الأمريكية ( SEC ) خطأ المنهج الذي سلكته اللجنة التي أعطت الأولوية في هذا المسودة لتعديل القواعد الخاصة بالقياس المشمولة في معايير المحاسبة الدولية ، في حين كانت هيئة البورصة لدى إعطاء الأولوية لقواعد الإفصاح.
تفاوت دور الجمعيات المهنية القائمة غي دول المنظمة في الرقابة و الإشراف على المهنة: تتنازع مسألة الرقابة و الإشراف على مهنة المحاسبة في دول المنظمة جهتان أولاهما رسمية ( حكومية ) تتمثل في عادة في دواوين المحاسبة و وزارت التجارة المالية ... إلخ
و ثانيتها مهنية ، كالجمعيات و النقابات المهنية وفي الدول المتقدمة تكون الهيمنة عادة على شؤون الرقابة و الإشراف على المهنة ، بما في ذلك وضع المعايير و تطوير وسن مواثيق شرف المهنة لجهات مهنية ، بينما يغلب أن تناط أمور كهذه بجهات رسمية في الدول النامية.()
المبحث الثالث: إجراءات انتقال من النظام المحاسبي إلى النظام المحاسبي المالي داخل المجلس الوطني المحاسبي الجزائري.
في سنة 2004م أعلنت وزارة المالية موازاة مع اليوم الرسمي للإعلام، أن النظام المحاسبي الجديد للمؤسسات سيكون مكملا للمخطط الوطني المحاسبي 1975م، ومن المحتمل أن يكون تطبيقه بداية سنة 2006م، إلا أن هذا التطبيق تأجل لعدة أسباب منها نفس الإعلان وارتياب الوسط الاقتصادي .
وقد صادق مجلس الأمة يوم السبت 03 نوفمبر 2007م على نص القانون المتضمن النظام المالي المحاسبي الجديد الذي أعد في إطار تحديث النظام المحاسبي الساري المفعول منذ 1975م، وقد تمت المصادقة خلال جلسة علنية ترأسها " عبد القادر بن صالح " وبحضور وزير العلاقات مع البرلمان " محمد خوذري " ويأتي هذا النص لتحديد النظام المحاسبي وشروط وكيفيات تطبيقه وكذا لتدارك نقائص الأمر 75 – 35 المؤرخ بتاريخ أفريل 1975م المتضمن المخطط الوطني المحاسبي، كما يهدف أيضا إلى إصلاح النظام المحاسبي الساري المفعول منذ 1975م والذي أصبح غير قادر على مواكبة التحولات التي تعرفها البلاد في عدة مجالات وتقديم المعلومات المالية الشفافة وإعطاء صورة صادقة عن الوضعية المالية للمؤسسات .
ولتجاوز كل المعوقات والإسراع في تطبيق المعايير المحاسبة المالية الجديدة أي النظام المالي المحاسبي الجديد .
في 2009م كثفت الحكومة اللقاءات والمحاضرات لتعليم في المديريات والمؤسسات والمراكز العمومية، للتعريف بالمعايير الدولية للمعلومات المالية ( IFRS / IAS) وتبنيها.
المطلب الأول: انعكاسات تطبيق النظام المالي المحاسبي الجديد على الوسط الاقتصادي الجزائري.
أكد كريم جودي وزير المالية أن النظام المالي المحاسبي الجديد يشدد من الرقابة على حسابات المؤسسة الخاضعة للقانون الجزائري مما يقلص من فرص الاختلاسات والفساد .
وأوضح وزير المالية أن المسألة متعلقة بالأدوات المعتمدة في الحسابات المالية للمؤسسة التي توفر المعطيات اللازمة للتحليل، فالنظام القديم لا يركز على عدة اعتبارات منها الفاعلون الاقتصاديون الجدد الذين دخلوا مع الانفتاح الاقتصادي الذي عرفته الجزائر وهو ما يعيق التحليل الدقيق والشفاف للحسابات المالية حسب ما ورد في إجابة الوزير على سؤال تقدم به النواب.
وقال جودي : "إن النظام المالي المحاسبي الجديد يأتي لسد الثغرات بوضع أدوات ملائمة لجمع المعطيات وتحليلها بشكل يرسخ التسيير الشفاف للمؤسسات الخاضعة للنظام التجاري الجزائري تلك الأدوات متعمدة دوليا وستفضح كل المخالفات والاختلاسات ومحاولات الفساد"
وأضاف وزير المالية قائلا :
إن النظام الجديد هو مطلب وطني وأن وضعه لم يأتي بفعل ضغوط أجنبية، موضحا أن بداية إعداده كانت في سنة 2001م أي أكثر من 6 سنوات وهي فترة طويلة بالمقارنة مع فترة إعداد وتطبيق نظم مماثلة من قبل عدة دول ومنها دول نامية .
وقد شكي رئيس الخبراء المحاسبين محمد لمين حمدي، إهمال الوزارة، فإستبعد دخول النظام المالي المحاسبي الجديد حيز التنفيذ بداية جانفي 2009م وفق ما ينص عليه القانون .
موضحا أن السلطات العمومية ومنها وزارة المالية لم توفر الوسائل الضرورية لتطبيق هذا القانون، منها عدم إعادة تأهيل الخبراء المحاسبين ومحافظي الحسابات المدققين بما يتجاوز 250 ألف مؤسسة خاضعة للقانون الجزائري .
وأوضح أيضا منتدى يومية الخبر، أن النظام المحاسبي الجديد الذي يفرض على المؤسسات انفتاح أكثر شفافية أكبر لحساباتها لن يرى النور، ما دامت وزارة المالية، التي بادرت بوضع قانونه، لا تدعم أصحاب المهنة من الخبراء المحاسبين ومحافظي الحسابات والمحاسبين المعتمدين، وقال المتحدث أن النظام الجديد جاء بدافع الإصلاح الاقتصادي الجاري منذ التسعينات ويدعوا إلى تكييف أصحاب المهنة مع المعايير الجديدة المطابقة للمقاييس الدولية المعتمدة في النظام ذاته .
هذا الأمر يتطلب تكوينا متواصلا خلال الفترة التي تفصلنا عن بداية تطبيق القانون المقرر في الفاتح جانفي 2009م، أي نحو سنة واحدة فقط، حسبما أشار إليه السيد حمدي، الذي أكد أن عدد شركات ذات الأسهم وذات المسؤولية المحددة لوحدها يفوق 250 ألف مؤسسة .
وأن هذا العدد الهائل من الشركات يفرض تكثيف التكوين لجعل حساباتها قابلة للتدقيق وفق النظام المحاسبي الجديد .
وفي السياق نفسه، كشف المتحدث عن نية تأسيس معهد متخصص في تكوين الخبراء المحاسبين بدعم من هيئات أوروبية وعربية، لكن هذه المبادرة تحتاج إلى مساعدة من وزارة المالية بصفتها الوصية عن نشاط المحاسبة .
ومن دون هذا الأمر، فإن هذا المجهود لن يجد لي طريقا إلى ارض الواقع، وقال المصدر نفسه إن الوزارة لم تبد إهتمامها بمشروع إنشاء المعهد، رغم كونه عاملا على التسريع في تطبيق النظام المحاسبي الجديد .
تجاهل الوزارة لخبراء المحاسبة لم يقتصر على غياب المساعدة في التكوين تحضيرا لتطبيق النظام المالي المحاسبي الجديد، بل يشمل أيضا عدم إشراكهم في إعادة تنظيم المهنة ذاتها حسب ما أكده حمدي الذي قال " إن المصنف الوطني لخبراء المحاسبة ومصالح وزارة المالية كالقط والفأر منذ 3 سنوات بخصوص مشروع إعادة تنظيم المهنة " .
فلا يعقل أن يتم إعداد القانون بعيدا عن مشاركة المهنيين في العملية عن طريق الحوار والتشاور والتفاوض، حسب تعبير المتحدث علما أن المشروع الذي تريد وزارة المالية تمريره يفتح المجال لمكاتب الخبرة الأجنبية في إمكانية النشاط في الجزائر .
والاستحواذ على قدر كبير من السوق المحلية للتدقيق في حسابات المؤسسات الجزائرية .
وأضاف رئيس تنظيم خبراء المحاسبة، أنه بقيت سنة كاملة لتحضير النموذج الذي سيكون جاهزا مع مطلع جانفي 2009م، وفي ذات السياق أوضح أنه ليتم تجهيز هذا المشروع بطريقة أكاديمية، يجب إشراك جميع أهل الاختصاص من مهنيين وخبراء والمؤسسات المعنية المقدرة – حسب – بأكثر من 250 ألف مؤسسة ذات مسؤولية محدودة وبأسهم، دون احتساب مؤسسات المقاولات الصغيرة وغير ذلك من أدوات الملكية الأحادية .
وأفاد ذات المتحدث، أنه حددت مجموعة من الإجراءات للوصول إلى تطبيق هذا النظام المحاسبي الجديد بالقيام بتدريب المهنيين مع مطلع السنة الجارية، وتنظيم لقاءات لمجموعة من المهنيين، وتأسيس المعهد الوطني المتخصص في الدراسات المحاسبية بالتعاون مع بعض المؤسسات المحلية والأجنبية، بما في ذلك تأسيس الخبير المحاسبي .
وأكد حمدي، أن تطور النظم المحاسبية في الجزائر يتعلق بالتطور الاقتصادي والمالي ويرتكز على معايير دولية منبثقة من تطورات اقتصادية خاصة، من بداية التسعينات على أساس الإصلاحات التي مست القطاع المالي إلى غاية فترة الانفتاح الاقتصادي المتساير من مرحلة إلى أخرى في إطار تحديات النظام العالمي الجديد بصفة عامة والعولمة بصفة خاصة، بالمقارنة مع النظام الوطني المحاسبي المنبثق مع بداية سنة 1975م الذي كان يرتكز أساسا على تقديم معلومات للمحاسبة الوطنية فقط .
المطلب الثاني: مقومات ومتطلبات تطبيق المعايير المحاسبية الدولية مع الإشارة إلى حالة الجزائر.
ينبغي لأي بيئة دولية ( أي بلد ) تريد التوافق مع الهيئة الدولية والاندماج فيها أن تتوافر مقومات فيها، ولكي يتم العمل على توافق بيئة معينة مع المعايير المحاسبية الدولية ينبغي وجود مقومات لهذا التوافق من جهة وتوافر متطلبات في هذه البيئة تلبي هذه المقومات .
1- مقومات التطبيق :
يقصد بمقومات التطبيق ما ينبغي القيام به من أجل تهيئة البيئة المحلية لتندمج في البيئة الدولية بدون أي صعوبات وتعارض يمكن ذكراهم هذه المقومات :
1-1- بيئة معولمة أو في طريقها إلى البيئة العالمية :
ويعني هذا أن تتوافق البيئة المحلية مع صفات العولمة من حيث الانضمام إلى المؤسسات الدولية وفي مقدمتها منظمة عالمية للتجارة وشروطها واتفاقياتها، مجلس معايير المحاسبة الدولية، منظمة البورصات العالمية والاتحاد الدولي للمحاسبين وغيرها .
2-1- تكييف التشريعات والقوانين بما يتوافق مع المتطلبات الدولية :
ينبغي إزالة أي تعارض أو عدم تطابق بين القوانين والتشريعات المحلية مع المتطلبات الدولية بحيث يسهل تطبيق معايير المحاسبة الدولية في مجلات الصناعية، التجارة الخدمات والقطاع المالي .
3-1- البيئة الاقتصادية للبلد هي بيئة الاقتصاد الجزئي :
أي بيئة الوحدات الاقتصادية ( المؤسسات )، وهنا يتراجع دور الدولة إلى كونه دورا تنظيميا و تنسيقيا وليس دورا مسيطرا أو مالكا .
وقد تبنت الجزائر نظام اقتصاد السوق منذ 1988م غير أن دور الدولة لا زال قائدا ومسيطرا مؤثرا في مجرى الحياة الاقتصادية في الجزائر، فليس للمؤسسات الحرية الكبيرة في اختياراتها وتصرفاتها وذلك لاعتبارات سياسية واجتماعية، إضافة إلى ذلك فإن الاقتصاد الجزائري هو اقتصاد مضاربة وليس اقتصاد السوق الحقيقي .
الذي يفوز فيما سوقية حقيقية وليست ناتجة عن المضاربة كما يحصل في أسواق العقارات.
ومن ثم فلا يمكن الاعتماد عليه في معرفة القيم العادلة لهذه العقارات ولا ننسى أن معايير المحاسبة الدولية تفضل التقييم بالقيمة العادلة .
4-1- لتكييف الفني والنفسي لمواطني البلد :
والمقصود بالتكييف الفني هو استخدام التقنيات الحديثة في مجال العمل بطرق كفاءة وإمكانيات جيدة أما التكييف النفسي فيقصد به تقبل مواطني البلد لثقافة العولمة وتوجهاتها.
2- متطلبات التطبيق :
تشكل متطلبات التطبيق الجانب العملي من أجل تحقيق الهدف من اندماج البيئة المحلية بالبيئة الدولية، ويقصد بمتطلبات التطبيق هو ما ينبغي على المنظمات المهنية والهيئات المهتمة بالمحاسبة والشركات والجامعات ومراكز التكوين المهني وغيرها أن تقوم به من أجل تطبيق المعايير المحاسبية الدولية وما يرتبط بها بشكل كفء وسليم .
1-2- التأهيل العملي والعلمي :
المحاسب هو المعني بالدرجة الأولى بتطبيق معايير المحاسبة الدولية، لذلك لا بد من تأهيله علميا وعمليا ليكون قادرا على تطبيق المعايير المحاسبية الدولية بشكلها الصحيح، في عالم سريع التغير ويدار العمل عالميا عبر التجارة الالكترونية، فالمحاسب اليوم أصبح مطالب بمهارات واسعة في ميادين معينة مثل البنوك وشركات التأمين وصناديق التقاعد والضرائب وتكنولوجيا المعلومات " فأرباب العمل يريدون من المحاسبين امتلاك القدرة التفكيرية اللازمة للعمل، ويرون أن يكونوا منتجين بأن يفسروا ويقدموا النصح وليس فقط الاقتصار على تقديم المعلومة ...
وأكثر المحاسبين في الجزائر لا ينفرون على الكفاءات والمهارات المطلوبة وليس لهم دراية بهذه المعايير، فضلا عن أن يفهموها ويطبقوها تطبيقا سليما وهذا ليس خاص بالمحاسبين الجزائريين فقط بل هو حال المحاسبين في معظم دول العالم التي لم تطبق معايير المحاسبة الدولية وهذا يحتاج إلى مايلي :
- عقد دوارات تدريبية و ورشات عمل للمحاسبين ومدققي الحسابات التي يكون موضوعها معايير المحاسبة الدولية والتي يشارك فيها مختصين أكاديميين ومهنيين في المحاسبة والتدقيق، ولا بد من الإشارة إلى الدور الهام الذي يقوم به المصنف الوطني للخبراء المحاسبين ومحافظي الحسابات والمحاسبين المعتمدين في عقد دورات تدريبية وتكوينية غير أنها قليلة ولا تتناول معايير المحاسبة الدولية بشمولية وبعمق حسب ما ذكره المشاركون فيها 61558* * تضمين معايير المحاسبة والتدقيق الدولية في المسار التكويني للمدققين والمحاسبين المعتمدين من طرف المصنف الوطني للخبراء المحاسبين ومحافظي الحاسبات و والمحاسبين المعتمدين، ولا بد لمن يحصل على شهادة من المصنف أن يتحكم في هذه المعايير.
- تطوير مناهج كليات العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير في الجامعات والمعاهد ومراكز التكوين المهني لكي تتضمن تدريس معايير المحاسبة الدولية للطلبة خاصة تخصصي " محاسبة " و " مالية " إضافة إلى إعادة النظر في مقرارات بعض المقاييس التي لها علاقة بالمحاسبة والمستوى الذي تدرس فيه، فعلى سبيل المثال مقياس " رياضيات مالية " لا يدرس تماما في تخصص مالية رغم أن طلاب هذا التخصص يفترض أنهم مؤهلون للعمل كمحاسبين أو مدققي حسابات وهذا المقياس ضروري جدا لتدريس معايير المحاسبة الدولية ( القيمة الحالية ) .
2-2- الأنظمة والقوانين التي تفرض تطبيق معايير المحاسبة الدولية :
يحتاج تطبيق معايير المحاسبة الدولية إلى أسس قانونية تستند إليها المؤسسات التي تطبقها .
وتتلخص أهم الأسس فيما يلي :
- التشريعات الضريبية :
ينبغي أن تنص هذه التشريعات الضريبية المعمول بها على قبول تطبيق معايير المحاسبة الدولية وفرض تطبيقها والالتزام بها في العمل المحاسبي لدى المؤسسات المعنية بتطبيق هذه المعايير وهذا ما لا يتوفر إلى حد الآن في التشريعات الضريبية في الجزائر نظرا لتحفظ المديرية العامة للضرائب لتقديم الأصول .
بالقيمة العادلة ( La Juste Valeur) لكونها ( حسب رأيهم ) تهدد بتقلص الإيرادات الضريبية بشكل كبير، خاصة أن الاقتصاد الجزائري يشهد حالة التضخم، وعليه فإن مصالح الضرائب لا تعترف بطريقة حساب الاهتلاكات بغير الطريقة المقررة لديها .
( حساب الاهتلاكات : انطلاقا من القيمة الأصلية التاريخية وبمعدلات إهتلاك مقننة ) .
أضف إلى ذلك أنها لا تعترف بحساب الإهتلاكات التي تعود ملكيتها للمؤسسة دائما ثم اقتنائها في إطار قرض الإيجار Crédit Bail .
-القانون التجاري :
ينبغي أن ينسجم القانون التجاري مع معايير المحاسبة الدولية ولا يتعارض معها، فإذا أخذنا كمثال .
فالقانون التجاري ما زال يعتبر أن أي مؤسسة فقدت ثلاثة أرباع ( ¾) من رأس المال أنها في حالة إفلاس بحسب تصنيفها، في حين معايير المحاسبة الدولية تعتبر أن رأس المال مجرد قيمة هامشية Rexduel ناتج عن الفرق قيمة الأصول والخصوم .
وهذا الفرق يتغير من وقت لآخر، فالأهم أن لا تقع المؤسسة في خطر العجز عن التسديد وبإمكانها مزاولة نشاطها بشكل عادي ولو استهلكت رأس مالها الإجماعي .
- القانون والنصوص المنظمة للعمل المحاسبي :
ينبغي أن ينص القانون المحدد للإطار النظري للمحاسبة في أي بلد يريد تطبيق معايير المحاسبة الدولية على أن هذا الإطار النظري يتوافق مع ما هو مقرر حسب هذه المعايير، ومن ثم يصبح تطبيق معايير المحاسبية الدولية ممكنا من الناحية العملية لوجود مرجعية نظرية معلومة، وما هدونة الحسابات آليات عملها ( النصوص التنظيمية ) إلا تطبيق لهذا المعايير بالنسبة للجزائر فإن القانون رقم 11 / 07 الصادر بتاريخ 25 نوفمبر 2007م المتض