وقفة مع تفسير قول الله تعالى:
( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ )
السلام عليكم ورحمة الله
قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسيره :
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: أفرأيت من اتخذ دينه بهواه, فلا يهوى شيئا إلا ركبه, لأنه لا يؤمن بالله, ولا يحرِّم ما حَرَّمَ, ولا يحلل ما حَللَ, إنما دينه ما هويته نفسه يعمل به.
* ذكر من قال ذلك:
عن ابن عباس, في قوله ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) قال: ذلك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان.
عن قتادة, في قوله ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) قال: لا يهوي شيئا إلا ركبه لا يخاف الله.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أفرأيت من اتخذ معبوده ما هويت عبادته نفسه من شيء.
* ذكر من قال ذلك:
عن سعيد, قال: كانت قريش تعبد العُزّى, وهو حجر أبيض, حينا من الدهر, فإذا وجدوا ما هو أحسن منه طرحوا الأوّل وعبدوا الآخر, فأنـزل الله ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) .
وأولى التأويلين في ذلك بالصواب قول من قال: معنى ذلك: أفرأيت يا محمد من اتخذ معبوده هواه, فيعبد ما هوي من شيء دون إله الحقّ الذي له الألوهة من كلّ شيء, لأن ذلك هو الظاهر من معناه دون غيره.
(جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري ج 22-ص 76) .
قال الإمام البغوي رحمه الله في تفسيره :
( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) قال ابن عباس والحسن وقتادة: ذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه, فلا يهوى شيئًا إلا ركبه لأنه لا يؤمن بالله ولا يخافه, ولا يحرم ما حرم الله. وقال آخرون: معناه اتخذ معبوده هواه فيعبد ما تهواه نفسه.
قال سعيد بن جبير: كانت العرب يعبدون الحجارة والذهب والفضة, فإذا وجدوا شيئًا أحسن من الأول رموه أو كسروه, وعبدوا الآخر .
قال الشعبي: إنما سمي الهوى لأنه يهوي بصاحبه في النار .
( معالم التنزيل للإمام البغوي ج7_ص245).
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره :
ثم قال [تعالى] ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) أي: إنما يأتمر بهواه، فمهما رآه حسنا فعله، ومهما رآه قبيحا تركه: وهذا قد يستدل به على المعتزلة في قولهم بالتحسين والتقبيح العقليين.
وعن مالك فيما روي عنه من التفسير: لا يهوى شيئا إلا عبده.
( تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير ج 7_ص269)
قال الشيخ السعدي رحمه الله :
يقول تعالى: ( أَفَرَأَيْتَ) الرجل الضال الذي ( اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) فما هويه سلكه سواء كان يرضي الله أو يسخطه.
("تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" ج1_778.)
منقـــولة
__________________
ربي لا تذرني فردا وانت خير الوارثين